التجويد | باب هاء الضمير: مد الصّلة الكبرى والصّلة الصغرى
باب هاء الضمير: تعريفها وتعليل صلتها
تمهيدهذا الباب يشترك مع الذي قبله في حذف الصلة وإثباتها، فكما أن ميم الجمع توصل بواو أو تحذف صلتها، فكذلك هاء الضمير توصل بواو أو بياء، وسنتعرف على أحكام ذلك في هذا الدرس، وقبل ذلك لا بد من تعريف هاء الضمير وبيان علة صلتها.
فما المراد بهاء الضمير؟ وما أحكامها؟ وما علة إثبات صلتها؟
أقرأ النظم
قال الإمام ابن بري رحمه الله:
القول في هاء ضمير الواحدِ والخلفِ في قصرٍ ومدٍّ زائدِ
واعلم بأن صلة الضميرِ بالواو أو الياء للتكثيرِ
أفهم
أتعرف معاني الألفاظ والعبارات
قصـر: حذف الصلة
ومدِّ: إثبات الصلة
اشتمل هذا الدرس على محورين:

ومدِّ: إثبات الصلة
اشتمل هذا الدرس على محورين:
أولا: تعريف هاء الضمير وصلتها
هاء الضمير: هي الهاء الزائدة الدالة على الواحد المذكر، وتسمى هاء الكناية، أو هاء المضمر، أو هاء الإضمار، وتتصل هذه الهاء بالاسم والفعل والحرف، نحو:و
و
وهاء الضمير لها أحكام في قراءة نافع، منها ما اتفق عليه قالون وورش، ومنها ما اختلفا فيه، ولهذا ذكر الناظم -رحمه الله- بأنه سيتكلم عن محل الاتفاق ومحل الاختلاف الذي يكون في قصر الهاء وفي إثبات صلتها.
ومعنى قصر هاء الضمير أي حذف صلتها، ويعبر عنه أيضا باختلاس كسرة الهاء، وعكسه إثبات الصلة.
وصلة الهاء إما أن تكون بواو إذا كانت الهاء مضمومة، وهذا هو الأصل في هاء الضمير، نحو
أو تكون بياء إذا كانت مكسورة نحو
وإذا وقعت بعد الهاء همزة قطع فإن ورشا يمد الصلة مدا مشبعا، سواء كانت واوا نحو
أو كانت ياء نحو
وكذلك قالون في وجه له كما سيأتي في باب المد والقصر.
وقول الناظم -رحمه الله-: «هاء ضمير الواحد»، أخرج الهاء الأصلية في نحو
و
مثلا، فهذه الهاء لا تجوز صلتها، وأيضا أخرج هاء ضمير الواحدة والاثنين والجماعة، نحو: «منها» و«منهما» و«منهم».
ثانيا: علة إثبات صلة هاء الضمير
ذكر الناظم- رحمه الله- أن علة الصلة بالواو أو بالياء في هاء الضمير هي تكثير حروف ذلك الضمير لكونه اسما على حرف واحد خفي ضعيف، وهو الهاء، فقوَّوْهُ بالصلة، أي بزيادة واو أو ياء، فعندما تقرأ مثلابالصلة تزيد واوا بعد هاء الضمير، فتصبح مكونة من حرفين تقوية لها، وهذان الحرفان الزائدان يثبتان لفظا.
باب هاء الضمير: حالاتها وأحكامها
عندما نتلو كتاب الله تعالى فإننا نصل هاء الضمير بواو أوبياء أحيانا، وأحيانا أخرى لا نصلها، كما يلاحظ عند النظر في المصحف أن هاء الضمير تختلف حالات ضبطها باختلاف الحرف الذي قبلها وبعدها تحريكا وتسكينا.فما هي إذن هذه الحالات؟ وما أحكامها؟ وهل هناك هاء أخرى تشبه هاء الضمير فتأخذ نفس الأحكام؟
أقرأ النظم
قال الإمام ابن بري رحمه الله:
فالهاءُ إن توسطت حركتين فنافع يصلها بالصلتين
وهاء هذه كهاء المضمر فوصلها قبل محرك حري
أفهم
أتعرف معاني الألفاظ والعبارات
محرك: متحرك بحركة، وضده الساكن.
حَرِي: من أحرى، أي أجدر وأحق.
تناول الناظم- رحمه الله- في البيتين أحوال هاء الضمير وأحكامها، مع حكم هاء «هذه»، وبيان ذلك فيما يأتي:
أولا: أحوال هاء الضمير وأحكامها
هاء الضمير لها خمس حالات:1 . أن تقع بين حرفين متحركين، نحو:
2 . أن تقع بين ساكنين، نحو:
3. أن تقع بين متحرك قبلها وساكن بعدها، نحو:
4 . أن تقع بين ساكن قبلها ومتحرك بعدها، نحو:
5. أن تقع بين حركتين في الظاهر، وهي في الأصل بين ساكن قبلها ومتحرك بعدها، نحو
وسيأتي حكم هذه الحالة في الآتي.
وقد ذكر الناظم-رحمه الله- في البيت الأول حكم الحالات الأربع الأولى منطوقا ومفهوها، فبيّن أن الإمام نافعا يصل هاء الضمير إن وقعت بين حرفين متحركين، وهي الحالة الأولى من الحالات الخمس، ومعنى «يصلها بالصلتين» أي يصلها بالواو إن كانت الهاء مضمومة، وبالياء إن كانت الهاء مكسورة، ومفهوم كلامه-رحمه الله-أنها إن لم تتوسط متحركين بأن توسطت ساكِنَيْن أو ساكنا ومتحركا، تقدم الساكن أو تأخر، فإن نافعا لا يصل هذه الهاء، بل يحذف الصلة، أي يقرأ بالقصر، وهذا حكم الحالة الثانية والثالثة والرابعة.
ثانيا: حكم هاء «هذه»
ذكر الناظم-رحمه الله- أن هاء «هذه» مثل هاء الضمير لاشتراكهما في الحكم، وأصلها «هذي» بالياء، ثم أبدلت هاء، فحري بها أن توصل إذا وقعت قبل حرف محرك، مثل:والصلة هنا تكون بالياء لمجانسة كسرة الهاء، وتحذف الصلة إن أتت قبل ساكن نحو:
لالتقاء الساكنين
أحوال هاء الضمير الـخمس وأحكامها فـي قراءة نافع

باب هاء الضمير: "يُؤَدِّهِ" وَأَخَوَاتُه
بعد أن تعرفنا على حكم الحالات الأربع لهاء الضمير، سنتعرف على حكم الحالة الخامسة التي تقع فيها هاء الضمير في الفعل المجزوم، وهو ما يعرف بباب «يؤده» وأخواته، وفيه أحكام خاصة في رواية ورش وقالون اتفاقا واختلافا.فما هي هذه الأفعال؟ وما حكمها عند قالون وورش؟ وما علة حذف الصلة فيها؟
أقرأ النظم
قال الإمام ابن بري رحمه الله:
واقصر لقالون يؤده معا ونؤته منها الثلاث جمعا
نوله ونصله نتقه وأرجه الحرفين مع فألقه
رعاية لأصله في أصلها قبل دخول جازم لفعلها
وصل بطه الْها له من ياته على خلاف فيه عن رواته
أفهم
أتعرف معاني الألفاظ والعبارات
جُمَعا: توكيد، أي كلها.
رعاية: حفظا وإبقاء على الأصل.
انتقل الناظم-رحمه الله-للحديث عن الحالة الخامسة المتقدمة في حالات هاء الضمير، وهي أن تقع بين حرفين متحركين في اللفظ، ولكن باعتبار الأصل فإنها وقعت بين ساكن قبلها ومتحرك بعدها، وفي هذه الحالة تكون الهاء متصلة بالفعل المضارع المجزوم أوبأمر المخاطب، نحو
فالهاء هنا وقعت بين حرفين متحركين، لكن في الأصل وقعت قبلها ياء ساكنة، لأن الأصل «يؤديه» و«أرجيه» بالياء.
وعدد هذه الأفعال المجزومة عشرة، ثمانية اختلف فيها ورش وقالون، واثنان اتفقا فيهما، وسيأتي الكلام عنهما في ما سيأتي، وتُعرَفُ هذه الأفعال بباب «يؤده»، أو «يؤده» وأخواته.
أولا: ما اختلف فيه ورش وقالون
أمر الناظم- رحمه الله- بالقصر لقالون، أي بحذف الصلة في ثمانية أفعال، هي:
وعدد هذه الأفعال المجزومة عشرة، ثمانية اختلف فيها ورش وقالون، واثنان اتفقا فيهما، وسيأتي الكلام عنهما في ما سيأتي، وتُعرَفُ هذه الأفعال بباب «يؤده»، أو «يؤده» وأخواته.
أولا: ما اختلف فيه ورش وقالون
أمر الناظم- رحمه الله- بالقصر لقالون، أي بحذف الصلة في ثمانية أفعال، هي:
موضعان في آل عمران [الآية:74]، و
ثلاثة مواضع، اثنان في آل عمران [الآية:145] وواحد في الشورى [الآية:18]، و
كلاهما في النساء [الآية:114]، و
في النور[الآية:50]، و
في الأعراف [الآية:110] والشعراء [الآية:35]، و
في النمل [الآية:28] و
بسورة طه [الآية:74]
ومعنى «واقصر لقالون» أي اقرأ له بحذف الصلة، أو بلا مد طبيعي في الهاء.
وهكذا في بقية المواضع الثمانية، إلا أن الموضع الأخير وهو
ومعنى «واقصر لقالون» أي اقرأ له بحذف الصلة، أو بلا مد طبيعي في الهاء.
وهكذا في بقية المواضع الثمانية، إلا أن الموضع الأخير وهو
فيه خلاف بين الرواة عن قالون، فمنهم من وصل هاءه، ومنهم من حذف الصلة، وقد جرى العمل بالمغرب على الأخذ لقالون بالصلة، وقول الناظم: «وصل بطه» يشير به إلى ترجيح الصلة على القصر.
وفهم من قول الناظم: «واقصرلقالون» أن ورشا لايقصر هذه الـمواضع، بل يصلها كلها، لأنها واقعة بين حركتين في اللفظ، والأفعال التي بعدها همزة قطع يصلها مع المد، وهما:

وفهم من قول الناظم: «واقصرلقالون» أن ورشا لايقصر هذه الـمواضع، بل يصلها كلها، لأنها واقعة بين حركتين في اللفظ، والأفعال التي بعدها همزة قطع يصلها مع المد، وهما:
و
ثانيا: علة حذف الصلة
علل الناظم -رحمه الله- قصر هاء الضمير في الأفعال الثمانية السابقة بقوله: «رعاية لأصله في أصلها»، أي حذف قالون الصلة من هذه الأفعال لأجل كونه راعى قاعدته في أصل هذه الهاء، فالقاعدة كما سبق معنا في الدرس قبل هذا أن الهاء إن وقعت بين ساكن قبلها ومتحرك بعدها فإنه لايصلها، وفي هذه الأفعال فإن الأصل هو: «يؤديه إليك»، و«نوليه ما» و«يتقيه» إلى آخره، فحذف منها حرف العلة وهو الياء للجازم في الفعل المضارع، والبناء في فعل الأمر، فكأن الهاء هنا وقع قبلها ساكن، ولذلك حذف قالون صلتها، وروايته عن نافع تحكم ذلك، والتعليل للاستئناس وتوجيه القراءة من الناحية اللغوية.
باب هاء الضمير: حكم يرضه ويره
استكمالا لأحكام الأفعال العشرة نواصل تفصيل هذه الأحكام التي بقي منها حكم فعلين، اتفق ورش وقالون عليهما، ولهذا أسند الناظم- رحمه الله- الحكم لنافع، والحكم دائر بين القصر في أحدهما والصلة في الآخر.فما هما هذان الفعلان؟ وما حكم كل واحد منهما؟ وبم علل الناظم حكمهما؟
أقرأ النظم
قال الإمام ابن بري رحمه الله:
ونافع بقصر يرضه قضى لثقل الضم وللذي مضى
ولم يكن يراه في هاء يره معْ ضمها وجزمه إذ غيره
لفقد لامه وعينه فقد ناب له الوصل مناب ما فقد
أفهم
أتعرف معاني الألفاظ والعبارات
قضى: حكم وأمر.
لفقد: من أجل حذف وقع فيه.
ناب: قام مقامه.
تحدث الناظم-رحمه الله-في هذه الأبيات عن الفعلين المتبقيين من الأفعال العشرة، وهما:
في سورة الزمر،
و
و
الواقع في سورة البلد والزلزلة، وهذان الفعلان مما اتفق ورش وقالون فيهما، ولذلك أسند الناظم الحكم لنافع، وتفصيل ذلك في الآتي

أولا: حكم الهاء فـي «يرضه»
بين الناظم-رحمه الله- أن نافعا حكم بقصر الهاء فيفقرأها بالضم من دون صلة.
وقد علل ذلك بعلتين:
الأولى قوله: «لثقل الضم»، فالضم حركة ثقيلة، فلا تحتاج معها إلى الصلة للتكثير.
الثانية قوله: «وللذي مضى»، أي ما تقدم من قوله في الدرس السابق: «رعاية لأصله»، فراعى نافع أصل
وقد علل ذلك بعلتين:
الأولى قوله: «لثقل الضم»، فالضم حركة ثقيلة، فلا تحتاج معها إلى الصلة للتكثير.
الثانية قوله: «وللذي مضى»، أي ما تقدم من قوله في الدرس السابق: «رعاية لأصله»، فراعى نافع أصل
وهو الألف الساكن في «يرضاه»، وعليه فإن الهاء وقعت بين ساكن ومتحرك في الأصل، وقاعدته في هذه الحالة هي القصر كما رأينا في الدروس السابقة.

ثانيا: حكم الهاء فـي «يره»
ذكر الناظم -رحمه الله- أن نافعا لم يكن يرى القصر في هاءالواقع في سورة البلد في قوله تعالى:
وفي سورة الزلزلة في قوله تعالى:
أي أنه قرأ بصلة الهاء في هذا الفعل، رغم أنها مثل هاء «يرضه» في كونها مضمومة ومجزوما فعلها، إذ لحقه الجزم فغَيَّره، أي حذف منه الألف، والأصل «يراه» .
وأشار في البيت الثالث إلى علة الوصل بقوله: «لفقد عينه ولامه»، أي: وصل نافع هاء
وأشار في البيت الثالث إلى علة الوصل بقوله: «لفقد عينه ولامه»، أي: وصل نافع هاء
لكونه فقد حرفين من أصله، لأن أصله قبل الإعلال والجزم: يرأى، فحذفت منه عينه وهي الهمزة بعد نقل حركتها إلى الراء، ثم حذفت لامه وهي الألف، ولم يبق من أصوله إلا فاؤه وهي الراء، فلما فقد عينه ولامه وَصَلَه نافع بالواو، فقام هذا الوصل مقام ما حذف منه.
وهذا مجرد تعليل لغوي احتج به الناظم- رحمه الله- وإلا فالقراءة المروية هي الأصل، فالإمام نافع قرأ على شيوخه بقصر هاء
وهذا مجرد تعليل لغوي احتج به الناظم- رحمه الله- وإلا فالقراءة المروية هي الأصل، فالإمام نافع قرأ على شيوخه بقصر هاء
وبوصل هاء
جدول يلخص الأحكام المتعلقة بالأفعال العشرة «يؤده» وأخواته لكل من ورش وقالون