مقالات بالفرنسية
قواعد التجويد
آخر المواضيع

العِلم والتكنولوجيا

 

العلم والتكنولوجيا


العلم والتكنولوجيا


الموضوع: يعتبر العديد من الناس العلم والتكنولوجيا آفة. هل تشاطرهم الرأي؟

مقدمة:


ما فتئت العلوم والتكنولوجيا منذ قرون تشهد تطورا كبيرا بلغ ذروته في القرن العشرين والواحد وعشرين. وموازاة مع هذا التطور تزداد المشاكل الناجمة عن الاكتشافات العلمية والاختراعات التقنية، مما أدى بالبعض إلى تحميل المسؤولية للعلماء وإدانة أبحاثهم وإنجازاتهم. وفي مقابل ذلك انبرى فريق آخر للدفاع عن العلم والتكنولوجيا باستماتة: فحتى في المدارس والمعاهد والجامعات تدرس المواد العلمية والتقنية. لكن أمام الخدمات التي تسديها العلوم والتكنولوجيا للإنسانية يطرح السؤال التالي بإلحاح: هل يجب وضع حد للأبحاث العلمية والاختراعات التقنية لتفادي أضرارها؟

العلم والتكنولوجيا آفة


إن العلوم والتكنولوجيا تتسبب في تلوث البيئة عن طريق دخان المصانع وطرح المواد الكيماوية السامة بالإضافة للإشعاعات النووية... كما أن التكنولوجيا والعلوم تتسبب في موت آلاف بل ملايين الناس وذلك راجع لاختراع أسلحة فتاكة تستعمل في الحروب ينتج عنها هلاك الناس وخراب المدن وتدمير الطبيعة. كما تطرح العلوم والتكنولوجيا إشكاليات أخلاقية كبيرة، من بينها الاستنساخ والذي يشكل اليوم أحد أكبر التحديات الأخلاقية التي تواجهها البشرية، فهل يجوز للإنسان استنساخ إنسان؟


صار بإمكان الناس تغيير هويتهم الجنسية كما فعل العديد من المشاهير في مجال الغناء والسينما، أليس ذلك تدخل في الإرادة الإلهية؟ ويمكن التكلم كذلك عن إشكالية الأمومة، ففي حالة المرأة العاقر التي تمنح بويضة من رحمها لامرأة أخرى تستقبل في رحمها نفس البويضة، هل يمكن اعتبار الأولى أم الثانية هي الأم الحقيقية؟


ولا ننسى أن بعض التكنولوجيات الحديثة تساهم في القضاء على العلاقات الإنسانية؛ لأن قضاء وقت طويل أمام شاشة التلفاز أو الحاسوب أو الألعاب الإلكترونية أو الهواتف الذكية والغوص في مواقع التواصل الاجتماعي يدفع الناس إلى الإنزواء والعزلة؛ فعلى سبيل المثال تفكك الروابط العائلية والأسرية إذ يعيش الفرد الواحد من الأسرة في عالمه الخيالي بعيدا عن باقي الأفراد، فينعدم الحوار المباشر بينهم.


نذكر كذلك أن العلوم والتكنولوجيا مسؤولة عن العديد من الأمراض الخطيرة، كأمراض الحساسية والربو التي تنتج عن دخان المصانع والسيارات، بالإضافة إلى تطور فيروسات كثيرة في المختبرات العلمية المدنية والعسكرية حيث يجري الإنسان تجارب؛ فمثلا يسود الاعتقاد بأن فيروس ك-و- ر- و- ن-ا ما هو إلا تطور لفيروسات تحت تأثير الإنسان، والذي الغرض منه ضرب إقتصاد بعض الدول ومنظومتهم الصحية وبعدها بيع اللقاح لهم.

العلم والتكنولوجيا نعمة


بالرغم من كل ما سبق ذكره، لا يمكننا الإستغناء عن العلم والتكنولوجيا إذا نظرنا لهم من الناحية الإيجابية، فالعلوم مكنت من إختراع أدوية تم بفضلها القضاء على العديد من الأمراض الفتاكة؛ كالطاعون والكوليرا والسل، وإنقاذ حياة العديد من الناس. كما أن تطور العلم والتكنولوجيا ساهم بشكل كبير في رفع الإنتاجية في المجال الفلاحي الشيء الذي مكن من توفير الغذاء لملايين الناس الذين كانوا سيعانون مجاعة خطيرة بسبب النمو الديمغرافي الهائل وقلة الموارد الطبيعية. وبفضل الإختراعات العلمية والتقنية صار بإمكان الناس التواصل بسهولة وكذا التنقل بسرعة وفي ظروف جيدة ومريحة.


مكنت التكنولوجيا والعلوم فهم الكثير من أسرار الطبيعة والتحكم فيها؛ فمثلا يمكن في أحيان كثيرة توقع أحوال الطقس والتغيرات المناخية، كفورة البراكين والزلازل والأعاصير، فيتم إجلاء السكان واتخاذ التدابير اللازمة مما ينقذ آلاف الناس من موت محقق. بل إن البلدان المعرضة لتلك الكوارث الطبيعية طورت تقنيات متقدمة لمواجهة الأخطار المحدقة بها؛ فمثلا تقنيات البناء في اليابان، البلد الأكثر عرضة للزلازل، تأخذ بعين الإعتبار هذا المعطى.


إن العلم والتكنولوجيا يدخل السعادة إلى نفوس النساء والرجال ومكنتهم من الإنجاب بفضل الله سبحانة وتعالى وقوته، كما مكن من إختراع أجهزة طبية تمكن مرضى القلب من العيش طويلا وتمكن فاقدي البصر من الرؤية وتمكن المعاقين من الحركة... وكل هذا بقدرة الله سبحانة وتعالى. والعلم والتكنولوجيا تحقق نوعا من الديمقراطية والمساواة الاجتماعية، فالسيارة مثلا والتلفزيون والهاتف وغيرهما من الأدوات والأجهزة التي كانت حكرا على الأثرياء فيما مضى من الزمن أصبحت في متناول مختلف الشرائح الاجتماعية.


تطور العلوم والتكنولوجيا أدى إلى اختفاء بعض المعتقدات الخرافية والتقاليد والعادات المبنية على أساس لا عقلاني، فالعجز الجنسي عند الرجال في مجتمعنا كان يرد إلى السحر أو ما يعرف في اللغة العامية ب "الثقاف"، لكن بفضل علم النفس والطب أدرك الكثيرون أن أسبابه يمكن أن تكون فسيولوجية أو نفسية، وبالتالي أيقنوا من إمكانية علاجه. بالإضافة إلى ذلك، فالعلم والتكنولوجيا مكنت رجال الأمن من فك لغز العديد من الجرائم والتصدي للمجرمين الذين يشكلون خطرا داهما على الأفراد والمجتمع، فاستعمال العديد من التقنيات والمعارف العلمية كالحمض النووي تعد ثورة حقيقية في مجال مكافحة الجريمة.


ليس العيب في العلم والتكنولوجيا، وإنما في استخدامهما استخداما سيئا من طرف الإنسان ؛ فالمسدس يمكن أن يستعمل في الحروب لقتل الأبرياء كما يمكن أن يستعمل لحماية الإنسان ضد خطر المجرم أو حيوان مفترس يهدد حياته، والمواد الكيماوية التي أنتجها الإنسان بفضل العلم يمكن أن توظف لصناعة الأدوية كما يمكن أن تستعمل في أعمال إرهابية. من ثم فالاستعمال هو المسؤول وليست العلوم والتكنولوجيا.


يجب معالجة الخلل الكامن في المجتمع والإنسان الذي يجعل من العلوم والتكنولوجيا وسيلة للتدمير والتخريب؛ فالحروب منشؤها نزعة الإنسان إلى الهيمنة على الموارد الطبيعية للآخرين، والجرائم سببها الاضطرابات النفسية والفقر والجشع وليس العلم والتكنولوجيا. لهذا يجب تربية الناس على القيم الإنسانية المبنية على التسامح والحب والإخاء، لا على الكراهية والإقصاء والعنف.


خاتمة:


يتضح مما سبق أن العلم والتكنولوجيا تسدي للإنسان خدمات جليلة في الميدان الطبي والفلاحي والصناعي، وتساهم في التحسين من حياة الناس وإنقاذ آلاف الأرواح. أما ما يصاحب الابتكارات العلمية والإختراعات التقنية من أضرار وانزلاقات فليس مردها للعلم والتكنولوجيا، بل للعلماء أنفسهم والإستعمال السيء من لدن الناس لما يجود به المخترعون والباحثون. وللإستفادة من العلم والتكنولوجيا ينبغي زرع القيم الأخلاقية والإنسانية ليس فقط في نفوس العلماء فحسب وإنما في نفوس المستعملين لنتائج العلم والتكنولوجيا. فالعيب والخلل في الإنسان وليس في العلم.


google-playkhamsatmostaqltradent