تشغيل الأطفال | الأسباب، النتائج والحلول
كيف يمكن محاربة تشغيل الأطفال في المغرب؟
مقدمة
إن تشغيل الأطفال في المغرب ظاهرة مقلقة،
فالصغار، سواء أكانوا في المدينة أو في البادية، يحرمون من الدراسة منذ حداثة سنهم
و يجبرون على العمل في الحقول والورشات والمعامل. فما هو السبيل إلى القضاء على هذه الظاهرة أو على الأقل الحد منها؟
أسباب تشغيل الأطفال
تضطر العديد من الأسر إلى حرمان أبنائها من
حق التمدرس واللعب خلال فترة الطفولة، وترسلهم للعمل في الحقول أو ورشات
الميكانيكا والحدادة والنجارة وغيرها، وغالبا ما تعمل الفتيات الصغيرات كخادمات في
بيوت الميسورين. والسبب الرئيسي الذي يجعل الآباء يزجون بفلذات كبدهم في عالم الشغل
منذ نعومة أظافرهم هو الفقر. فأمام إرتفاع تكاليف الحياة وتقلص فرص الشغل
والبطالة، يلجأ الأب إلى تشغيل إبنه أو إبنته ليعيناه على تلبية حاجيات باقي أفراد
الأسرة. إلا أن هناك أسباب أخرى لا تمت للفقر بصلة وتتلخص في فكرة راسخة لدى بعض
الآباء بضرورة تعلم الطفل حرفة أو صنعة تقيه شر الزمن، عملا بالمثل الشعبي القائل
" إن الصنعة إن لم تغن فهي تمكن صاحبها من العيش الكريم"ومما يزكي هذا الطرح شبه إفلاس المدرسة: بسبب عطالة الشباب الحاصل على شواهد التعليم العالي، فقد الناس الثقة
في المؤسسات التعليمية، وأصبحوا يرون فيها مضيعة للوقت والجهد. ولأن الأطفال يشكلون يدا عاملة رخيصة
يمكن إستغلالها كيفما شاء رب العمل، فإن أصحاب المعامل والورشات يروجون لخطابات
التيئيس ويشجعون الآباء لوضع حد لتمدرس أبنائهم.
نتائج تشغيل الأطفال
ويترتب عن تشغيل الأطفال عواقب اقتصادية
واجتماعية ونفسية وخيمة. الأطفال
الذين ينقطعون عن الدراسة ينضافون إلى جحافل الأميين، علما أن الأمية تشكل أحد أهم
عوائق التنمية في بلدان العالم الثالث. لذلك
فالجهود التي تبذلها الدولة لمحاربة الأمية تذهب سدى: النفقات العمومية في مجال التربية تثقل كاهل الدولة، ومع ذلك فالنتائج
هزيلة، وعلى المستوى الاقتصادي، فتشغيل الأطفال يحرم الدولة من الضرائب لأن رب
الورشة أو المعمل الذي يشغل الأطفال يعمل خارج القانون وفي سرية تامة. وفي الوقت نفسه، تشكل هذه المعامل التي
تستفيد من رخص اليد العاملة منافسة غير شريفة بالنسبة للشركات المهيكلة التي تشغل
أشخاصا راشدين بلغوا السن القانونية التي تخولهم العمل. وعلى المستوى النفسي، فآثار التشغيل المبكر تلازم الطفل طوال حياته. فحسب علماء النفس، فالطفل الذي لم يستفد
من طفولته بشكل جيد، يظل يعاني من اضطرابات نفسية حينما يصل سن الرشد، بل إن
الآثار تظهر على الطفل قبل بلوغه هذا السن: فكم من طفلة فرت من بيت مشغليها تحت الاستغلال البشع والتنكيل لترتمي
في أحضان الرذيلة، وكم طفل اتخذ من الشارع منزل له ومن المنحرفين عائلة. وخلاصة القول أن آثار تشغيل الأطفال
مدمرة، من تم يتوجب محاربه هذه الظاهرة. لكن كيف؟
الحلول الناجعة للحد من تشغيل الأطفال
لا شك أن
القرار الأول الذي يجب اتخاذه هو سن قوانين تمنع صراحة تشغيل الأطفال، وتشديد
العقوبات ضد من يقدم على تشغيل طفل أو طفلة، بما في ذلك الوالدين. ولا يجب ان
يظل هذا القانون حبر على ورق، بل يجب العمل على تفعيله وتطبيقه. لكن سن قانون
لا يكفي:
يجب العمل
على توعية الناس وخاصة الآباء بخطورة تشغيل الأطفال وحثهم على إرسالهم إلى المدارس
حيث مكانهم الطبيعي في هذا السن.
إلا أن أهم
خطوة ينبغي القيام بها في هذا الصدد هي محاربة الفقر، لأن الحاجة هي العامل
الرئيسي الذي يدفع الآباء إلى تشغيل أبنائهم.
خاتمة
إذا فتشغيل
الأطفال ظاهرة معقدة يتدخل فيها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وللتصدي لهذه
الظاهرة، يجب محاربة أسباب الفقر والهدر المدرسي، وتلميع صورة المدرسة في أعين
غالبية الآباء الذين يعتبرونها مضيعة للوقت والمال. يجب تغيير العقليات.