مقالات بالفرنسية
قواعد التجويد
آخر المواضيع

ظاهرة التسول

 

ظاهرة التسول

ظاهرة التسول

الموضوع : كيف تفسر تفاقم ظاهرة التسول ؟

المقدمة 

حينما تعبر أزقة وشوارع المدن أو تتجول في الأسواق أو تجلس في مقهى تتقدم نحوك جحافل المتسولين من مختلف الأعمار والأجناس مادين أيديهم مستعطفين بأصوات شجية لاستدرار العطف والشفقة. لقد تفاقمت ظاهرة التسول في بلادنا خلال السنوات الأخيرة بشكل يثير القلق. فما هي يا ترى الأسباب التي تفسر تنامي أعداد المتسولين؟

العرض

إن أول جواب قد يتبادر إلى الذهن هو الفقر والحاجة.  بالفعل فأغلب المتسولين ينحدرون من أصول قروية: فبسبب موجة الجفاف العارمة التي شهدها المغرب في مطلع الثمانينات، اضطر صغار الفلاحين إلى الهجرة نحو كبريات المدن. ونظرا لعدم توفرهم على مستوى دراسي أو على تكوين يؤهلهم للانخراط في مجال الشغل، فإنهم يجدون أنفسهم مجبرين على التسول لإعالة ذويهم وسد حاجياتهم الضرورية. إلى جانب ذلك تعد البطالة عاملا آخر من العوامل التي تساهم في تفاقم ظاهرة التسول. فبسبب الظرفية الدولية الصعبة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية غير الصائبة، يجد عدد كبير من الشباب، سواء الحاملين لشواهد التعليم العالي أو أولئك الذين لم يتلقوا أدنى تكوين، أنفسهم عرضة للتسول، خاصة أن عددا لا يستهان به من هؤلاء الشبان يتعاطى للتدخين والمخدرات والمشروبات الكحولية مما يجعلهم غير قادرين على العمل. ولا يجب أن ننسى الإعاقة البدنية والذهنية التي تدفع الكثيرين إلى امتهان الشحاذة. ففي ظل غياب سياسة واضحة وفعالة لإدماجها في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، لا تجد هذه الفئه نفرا من الاستجداء.

لا يمكن تفسير ظاهرة التسول بالفقر والإعاقة البدنية والذهنية فقط. بالفعل، فالعديد من الأشخاص يختارون بمحض إرادتهم آن يصبحوا شحاذين دون ما أن يكونوا مضطرين الى ذلك بدافع البؤس أو الفاقة. فخلال عمليات التمشيط التي تقوم بها من حين لآخر، عناصر الشرطة أو المصالح التابعة لوزارة الشؤون الإجتماعية، يتم توقيف متقاعدين يحصلون على معاشات، وطلبة لا زالوا يتابعون دراستهم بل وحتى بعد صغار الموظفين والماجورين. والأدهى من ذلك أن بعض المتسولين يملكون شققا ومنازل وعقارات في كبريات المدن حيث يعد امتلاك بيت أو قطعة أرضية حكرا على الميسورين من الناس. إن الصور التي تبث على التلفزيون أو تنشر بين أعمدة الجرائد والتي تظهر مبالغ كبيرة يخبئها الشحاذون بين ثنايا ثيابهم لخير دليل على أن بعض المتسولين يستجدون الصدقات رغم أنهم ليسوا في حاجة ماسة إليها. لكن الأمر الخطير اليوم، أن التسول تحول إلى مهنة مربحة تدر مداخيل يسيل لها لعاب حتى بعض الناس الأسوياء. فالدخل اليوم للشحاذ يتراوح بين مائة درهم وخمسمائة درهم كأدنى تقدير. لقد صار الكسل والتباهي والبحث عن الإثراء السريع ثقافة تسود بين صفوف الشباب، وحلت هذه القيم الجديدة محل حب العمل. لذا فالكثير من الشباب يرفض اليوم العمل في بعض القطاعات التي يعتبرونها مهينة كقطاع البناء، علما أن هذا القطاع الذي شهد طفرة هائلة في السنوات الأخيرة يشتكي من نقص حاد في اليد العاملة التي تحصل على أجر يومي قد يصل إلى مائة وخمسين درهما. بمعنى آخر، القيم الاجتماعية والاخلاقية قد تغيرت : لم يعد العمل وسيلة لتحقيق الذات والحصول على دخل مشروع، بل في نظر عدد كبير من الناس سخرة.

الخاتمة

يتضح إذا أن أسباب التسول لا تقتصر فقط على الفقر والبطالة والإعاقة البدنية والذهنية، فالقيم الأخلاقية والثقافية التي كانت تقدس العمل وتجعل منه قيمة مهمة بدأت تتفسخ وتندثر تدريجيا في مجتمعنا. ولكن أليس هناك فقراء كثيرون يكابدون في صبر ويستحيوا أن يمدوا أيديهم للناس؟ إنها مسالة كرامة وأنفة.

 

google-playkhamsatmostaqltradent