الهجرة السرية : الأسباب والحلول
الموضوع: هل تبدو لك السياسة الأمنية التي تنهجها أوروبا لمواجهة الهجرة السرية
ناجعة؟
المقدمة
تنامت ظاهرة الهجرة السرية من الدول
الإفريقية نحو الدول الأوروبية في العقد الأخير. وأمام زحف جحافل المهاجرين السريين عمدت دول العبور ودول الإستقبال إلى
إغلاق حدودها وتقوية إجراءات مراقبة البر والبحر. لكن إلى أي مدى تعد هذه الحلول ناجعة؟
العرض
لعل أدق كلمة تعبر عن هذه الظاهرة ليست
"الهجرة" بل "النزوح الإجتماعي" نظرا للأعداد الهائلة من
النساء والرجال ومن الشيب والشباب الذين يحاولون العبور إلى الضفة الأخرى حيث الفردوس
الموعود في إعتقادهم. وأمام
الإرتفاع المضطرد والسريع للرقم عمدت الدول الأوروبية إلى إعتماد سياسة أمنية تقوم
على أساس إغلاق الحدود ومنع تسرب المهاجرين، وفي الآن نفسه مارست الضغوط على دول
العبور كالمغرب لحملها على انتهاج نفس السياسة. وهكذا قام الإتحاد الأوروبي بتمويل جنوده بأحدث التقنيات من كاميرات
وحواجز إلكترونية وأسلحة وطائرات عمودية وطوافات أوكلت لها مهمة الحد من تسلل
البقايا الآدمية القادمة من أدغال إفريقيا. لكن هل تفلح هذه الترسانة في محاربة الهجرة السرية؟
لا يكاد يمر يوم دون أن تطالعنا القنوات
التلفزيونية والجرائد الإلكترونية بصور قوارب متهرئة مملوءة عن آخرها بأشخاص يبدو
الفقر والإرهاق على محياهم، جلهم قدم من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ومن بعض بلدان
المغرب العربي. فرغم أن جثت
العديد من المهاجرين تستقر في قعر البحر أو تتعفن فوق صخور الشواطئ الأوروبية، لا
يرعوي الآلاف من الشباب عن ركوب أمواج البحر الخطيرة وكلهم أمل في الوصول إلى
الضفة الأخرى. والواقع أن أعدادا
كبيرة منهم تستطيع بلوغ وجهتها، بالرغم من أن الجنود وحرس خفر السواحل تعترض طريق
الكثير من القوارب والزوارق. ومهما
يكون فالمهاجرون السريون في تزايد مستمر. وهذا يعني فشل تلك السياسة الأمنية التي انتهجتها أوروبا في مواجهتها
لمعضلة الهجرة السرية، هذه السياسة التي تتعرض لانتقادات شديدة من طرف المنظمات
والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان.
الوسيلة الأنجع للحد من تدفق المهاجرين
السريين هي القضاء على العوامل التي تدفع المرء إلى هجر الوطن والأبناء والوالدين
للمغامرة في جحيم الصحاري الإفريقية نحو مضيق جبل طارق ومن ثم عبور أعماق البحر
ليس في قوارب فقط، بل أيضا فوق ألواح خشبية. إن أسباب الهجرة السرية تتنوع بين الإقتصادي والسياسي أساسا. فالحروب الطاحنة التي تمزق القارة
السمراء تشل الإقتصاد وتحد من إمكانيات النمو والتطور. ثم إن الموارد الطبيعية الغنية التي تزخر بها القارة تستغل من طرف
كبريات الشركات العالمية بالتواطؤ مع الطغمة العسكرية التي تكرس الفقر والأمية
والمجاعة والتخلف. إن أوروبا تتحمل
مسؤولية كبيرة في تأخر إفريقيا عن ركب الحضارة الإنسانية، لذا يتحتم عليها العمل
على إرساء أسس الديمقراطية والدفع بعجلة الإقتصاد: هذا هو السبيل إلى تشجيع الشباب على المكوث في بلدانهم الأصلية وثنيهم
على الهجرة السرية.
الخاتمة
وخلاصه القول أن السياسة الأمنية التي
تنتهجها الدول الأوروبية ستفشل إن لم نقل أنها فشلت، والدليل على ذلك الأعداد
المتزايدة للمهاجرين السريين. للقضاء
على هذه الظاهرة يجب على أوروبا أن توظف الأموال الباهظة التي تصرفها لتسليح
حلفائها من الطغاة الأفارقة وتجهيز جنودها لمراقبة الحدود في مشاريع لتنمية القارة
إقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا.